العامل النفسي للمتداول
في أسواق التداول نِسب الربح والخسارة متفاوتة وغير متوقعة بشكل دقيق وتخضع لاحتمالية التغيّر السريع ما بين صعودٍ وهبوطٍ وذلك نتيجة طبيعية للتقلبات الحاصلة في هذه السوق.
وكما أن دراسة المؤشرات والتحليل الأساسي مهم وضروري حيث إنه يدفع المتداول للبيع أو الشراء وفق أسس مدروسة، فكذلك العامل النفسي للمتداول مهم وضروري أيضاً لأنهُ أمر يُبنى عليه، حيث قد يتحول من مُجرد عامل نفسي إلى دافع قوي للشراء أو البيع، كذلك فإنه في حال تغلّب العامل النفسي على الجانب العقلاني يؤدي ذلك لفقدان الوعي الشخصي والحكمة اللذين يُتيحان للمتداول دراسة حركات البيع والشراء بتوازن عقلاني.
ولهذا تحديداً؛ يتعيّن على أي فرد يود أن يدخل سوق التداول أن يهيئ نفسه جيدًا لاحتمالية الربح أو الخسارة، فتقبّله الخسارة عبارة عن نقطة قوة لديه كمتداول بحيث تجعله أكثر تحكمًا بخياراته وتحركاته التي تلي تلك الخسارة؛ سواءً بيع أو شراء الصفقات.
هذا كله يُرشدنا لأهمية العامل النفسي ودرجة تأثيره على جميع صفقات المتداول، سيما الدافع المتعلق بالرغبة بالانتقام من السوق، كونها أقرب ما تكون إلى مقامرة نسبةً لحجم المخاطرة، فليس من المعقول أن يقوم المتداول بصفقة بناءً على دوافع عاطفية دون دراسة جيدة وعقلانية لحيثيات هذه الصفقة وحجم المخاطرة، وهذا ما يقع به كثير من المتداولين في حال دخولهم لصفقة خاسرة كردة فعل لخسارتهم وكمحاولة منهم لتعويض الخسارة الأولى.
أي خسارة يقع بها المتداول يصحبها شعور بالخطأ أو الفشل وهنا تحديدًا على المتداول التوقف عن جلد الذات، وأن يؤمن أن هذا المجال لا يوجد به مسلّمات أو شيئا ثابتا مائة بالمائة، يتعين عليه بدلًا من جلد الذات أن يقوم بمراجعة الثغرات التي أدت إلى الخسارة ومحاولة معالجتها والتعديل عليها.
المرونة عامل مهم في سوق التداول، فعلي المتداول تقبّل التغيير خاصةً في هذا السوق، كما ويتعين عليه الانفتاح على التغيير في استراتيجيات العمل وطريقة التفكير. أما الهدوء فهو بمثابة فانوس سحري، فلا يوجد شعور قادر على تشتيت المتداول وجعل منطقه السليم يتلاشى بقدر الخوف والقلق. فمن أهم نقاط القوة لدى المتداول اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب وهذا وحده قادر على تجنيبه الخسارة.
ومن أهم هذه القرارات هو قرار تدارك الأمر والتوقف وإغلاق الصفقات على خسارة معقولة ويمكن للمتداول تَحْمِلهَا بدل من الاستمرار بالخسارة. من الأهمية بمكان التعامل باستراتيجية واضحة ومتابعة المؤشرات والتحليلات بحيث تقود المتداول للتخلص من منطقة الخسارة والدخول بمنطقة الربح.
لذا فإن وعي المتداول بحالته النفسية دلالة على وعيه بأسباب اتخاذ القرار بالتداول، وكلما زاد هذا الوعي ستقل تَدْرِيجِيًّا نسب المُخاطرة التي يخوض غمارها عند دخول هذه السوق.